قصة الوثائقية الأولى عربياً

تغريدات الأستاذ حسن قطامش

عن قصة الوثائقية الأولى عربياً

HasanQatamish@

يونيو 2020

_____________

قصة نجاح الوثائقية الأولى عربيا

..
خلال أيام يكتمل 15 عاما على انطلاق قناة #المجد_الوثائقية، أول قناة وثائقية عربية
أستعرض بإذن الله في سلسلة تغريدات جانبا من قصة التأسيس ومحطات من التجربة الفريدة الماتعة، مع بعض المواد التي تنشر لأول مرة. 

في سبتمبر 2002م التحقت بقناة المجد لتأسيس إدارة التطوير والجودة والرقابة الإعلامية، والتي عُنيت بوضع معايير الجودة الموضوعية لبرامج القنوات وآليات تطبيقها، واختيار البرامج الوثائقية والرسوم المتحركة المشتراة من جهات خارجية.
وقصتها مجملة يحكيها الأستاذ #‎فهد_الشميمري في كتابه. 

ما سأذكره في هذه السلسلة من معلومات وفواصل فنية ولقاءات، يتناول الفترة التي عملت فيها من 2002/9 إلى 2009/12

والتي أسست وأدرت خلالها هذه الإدارات مجتمعة معا:
- إدارة التطوير والجودة والرقابة الإعلامية
- برنامج موضوع الغلاف " عامين فقط"
- قناتيّ المجد الوثائقية والطبيعية. 

في ذلك الوقت كان الفضاء العربي يضم أقل من 100 قناة معظمها حكومية
ولم تكن قد ظهرت مواقع يوتيوب أو فيس بوك أو تويتر
وكان هناك تعطشا لملئ الفراغ الكبير بإيجاد إعلام فضائي محافظ وآمن للأسرة.
كما كان الظرف السياسي مختلفا ومساحة الحركة أكبر وأوسع.
هذه المحددات مهمة لفهم التجربة. 
‏

كان الهدف: تقديم إعلام "هادف ومشوق وآمن" من خلال جهاز خاص لا يستقبل سوى قنوات المجد، وذلك لعزوف معظم البيوت المحافظة عن إدخال أجهزة استقبال القنوات لبيوتها حذرا مما فيها.
ولقد استهدفت قنوات المجد الجمهور السعودي والخليجي بنسبة 90% وبلغ عدد المشتركين 260 ألف مشترك. 
‏

كان التحدي الأول: 
أن هذا النمط من "المحتوى الإعلامي" و "هذه الشريحة" من الجمهور، لم يكن لهما وجود من قبل في الفضاء الإعلامي كي نحاكيه كبقية قواعد ومراحل الإنتاج الإعلامي المعتادة. 

فالحال "هنا" كان مختلفا تماما .. فصنعنا شيئا جديدا تماما. 
‏

كان التحدي الثاني بعد وضع معايير الجودة الموضوعية التي تضبط العمل وآلياته، إيجاد فريق العمل الذي يؤمن بهذه الرسالة ليقوم بهذه المهمة الكبيرة، والتي لم يسبق لأحد أن قام بها، فكان الاختيار، ثم التدريب، ثم المشاركة الجماعية من كامل الفريق في وضع الآليات وتطوريها المستمر. 

كان التحدي الثالث:
معرفة ما تقدمه القنوات المتخصصة الأخرى لجمهورها، فكان أن اشتركت بشكل شخصي وفي بيتي في مجموعات شوتايم وأوربيت وآيه آر تي، التي كان لديهم كثير من القنوات العالمية الوثائقية والرسوم المتحركة، وبقيت أسجل بعضها لستة أشهر لرصد وتحليل نقاط التميز. 

في يناير 2003 كانت رحلة العمل الأولى بصحبة م. عامر القحطاني مشرف الرسوم المتحركة إلى الأردن وسوريا ولبنان، وذلك للالتقاء بالشركات المنتجة، والتي تملك حق توزيع البرامج الوثائقية والرسوم المتحركة للشركات العالمية في المنطقة العربية، وشركات الدوبلاج المشهورة بتميزها. 

توالت الرحلات حتى صنعنا أرضية مشتركة مع الشركات باستيعاب معايير الجودة الخاصة بالمجد، وصلت ببعض الشركات في الأردن ولبنان لتعيين موظفين لمراجعة أعمالنا لديها لتصلنا كما نريد
وشركات أوربية تفهمت بشكل كبير سياسات المجد في نوعية البرامج التي تعرضها علينا لنشتريها، فقل الإرهاق. 

يظن بعض البسطاء أن كل ما كانت تفعله المجد في البرامج "التي تعيد إنتاجها بالكامل" أن تضيف عبارات مثل (أفعل ذلك بإذن الله، توكل على الله يا بني، قل ما شاء الله يا أخي) !!
لقد كانت البرامج تراجع حرفيا: لغة وصياغة وموضوعا ومعلومات، وعقيدة وشرعا، وليس مجرد ترجمة تلصق وفقط. 

مثال تدقيق المعلومات
برنامج اقتصاد العولمة، ظهر ديك تشيني نائب جورج بوش، وتعريفه على الشاشة "كينث روث/ وزير بريطاني سابق"
وظهر وزير خارجية الهند بصفته، ولكن وقت العرض لدينا كان قد أصبح رئيسا للوزراء، فتم تعديل وصف الضيوف
لكن الجزيرة الوثائقية عرضته بعدنا بدون أي تصويب. 

بمرور الشهور تراكمت لدينا الساعات الوثائقية التي كانت تبث على قناة المجد العامة، واستقرت نسبيا علاقتنا بالموردين والمدبلچين. 

عندها سألني الأستاذ #‎فهد_الشميمري إن كانت لدينا القدرة على إطلاق قناة المجد الوثائقية؟

فأعددت دراسة شاملة كل التفاصيل .. فاعتمدها كاملة وفقه الله. 

تميزت #‎المجد_الوثائقية:
أ. بوجود رؤية موضوعية شاملة للبرامج، وبتوازن العرض بين مختلف الموضوعات.
ب. بنسبة الخلق إلى الخالق سبحانه، وليس إلى التطور أو الطبيعية
وغير ذلك من النظريات والأفكار المخالفة لعقيدة الأمة وهويتها وثقافتها، والتي تعرض حتى الآن على الوثائقيات الأخرى. 

ج. بالإبداع البصري في الهوية الفنية للقناة، فكانت القناة تبعد بمرمى أحجار عن معظم القنوات العربية، فضم شعار القناة (عين على الحياة) مجموعة بديعة من الفواصل الفنية، والفواصل الموضوعية القصيرة، والتي بدأت تحاكيها بعض القنوات الوثائقية مؤخرا. 

فشعار القناة "المرئي" كمثال، كان له فلسفة في كل عناصره، ليتسق مع الشعار المكتوب (عين على الحياة) فاستخدمنا "الكرة الأرضية" محل العين باعتبارها "الكوكب الحي" والألوان الثلاثة التي تدور حولها "الأزرق والأخضر والأحمر" هي عناصر الحياة "الماء والكلأ والنار". 

هذه الرؤية الفنية يسر الله لي وضعها كاملة، حتى عبارات الفواصل، وقام بتنفيذها أحد أفضل المبدعين في العالم العربي
وعندما كنا نلتقي بالشركات العالمية في معرض MIP TV في فرنسا ونطلعهم على نماذج من أعمالنا، فأرى الذهول قد علاهم، وصرح بعضهم أنه لم يكن يتوقع شيئا كهذا من العرب !! 

بعد عدة زيارات لمعرضي MIP DOC و MIP TV في فرنسا، وأخرى لبعض الدول العربية، توطدت علاقتنا بالشركات بشكل كبير، وبدأت البرامج في التدفق من كل اتجاه، فحتى بداية ديسمبر 2009، وقبل رحيلي بأيام، بلغ عدد الشركات التي راسلتنا ببرامجها 83 شركة، أرسلت 7853.30 ساعة كعينات مشاهدة. 

أما الشركات التي استقر العمل معها بشكل مستدام فبلغت 33 شركة، من أستراليا شرقا وحتى أمريكا غربا، وقد بلغ عدد البرامج التي عرضت حتى نهاية 2009:
631 برنامج، بإجمالي حلقات بلغ 2753 حلقة
هذا الاستقرار ساعدنا بتيسير الله في اطلاق القناة الشقيقة (المجد الطبيعية) بيسر وسهولة. 

التميز الذي حظيت به #‎المجد_الوثائقية دفع إحدى الشركات الكبرى في واشنطن بأن تتفق معنا بأخذ النسخة العربية التي نعيد إنتاجها من برامجها، لتسوقها في العالم العربي، مقابل 60% لنا، و 40% لهم.
كما دفع العديد من القنوات الهادفة للتواصل لذات الغاية، وللحصول على معايير جودتنا. 

كان أحد عيوب تشفير القناة، قلة المعرفة بها لدى قطاع أوسع، ولذلك عندما ادعت الجزيرة الوثائقية أنها الأولى عربيا صدقها قطاع من الناس، رغم أنهم ظهروا بعدنا بعام ونصف .. ويعرفوننا جيدا.
لذلك حرصنا على توسيع مساحة التواصل مع الجمهور، وأطلقنا موقع #‎المجد_الوثائقية على الإنترنت 

كانت الميزة الكبرى لبث #‎المجد_الوثائقية مشفرة عبر الجهاز الخاص، قبول الشركات جميعها بمستوى معقول من التصرف من طرفنا في تعديلات النص والصورة، وهو ما ساعدنا على إعادة إنتاج وفق معاييرنا ومنهجنا 

الخطوة التالية والمهمة كانت البدء بإنتاج البرامج الوثائقية الخاص بنا، وبالفعل وضعنا دراسة جدوى شاملة، واتفقنا مع فرعي القاهرة ودبي على إنتاج بعض البرامج
لكن خلافات ملاك الشركة وخروج الأستاذ #‎فهد_الشميمري المؤسس والمدير العام، وعدم حماس الإدارة الجديدة .. أوقف التنفيذ. 

بعد توفيق الله يتلخص نجاح #‎المجد_الوثائقية وتميزها في ثلاثة أسباب: 

أ. الإيمان بأهداف المشروع، والإخلاص له، وبذل أقصى الجهد في التخطيط ودقة التنفيذ 

ب. فريق العمل المثابر والمميز والمجتهد لأقصى درجة، وكان طاقم العمل الوحيد في الشبكة الذي تم تكريمه كاملا من المدير العام. 

ج. ثقة ودعم الأخ العزيز الأستاذ #‎فهد_الشميمري الذي كان سندا كبيرا وحافزا قويا للعمل، فعندما طلبت أن يكون العمل معه رجلا سلما لرجل وبدون تدخلات من آخرين .. فعل
فكنت أجتمع معه منفردا كل عدة أشهر لنتفق على ما سنفعله ثم نباشر عمله
كما كان لنا مقرا مستقلا عن الشبكة. 

كانت التجربة بكل ما فيها وما حدث بها .. رائعة وملهمة لمشاريع أخرى أكبر وأفضل.
نعم كانت هناك مرارات وانكسارات، وإرجاف ومرجفون ومخادعون
لكن الأخيار كانوا كثرة، والمحبون والمخلصون كانوا غلبة، والنفع والخير الذي دخل بيوت الملايين عظيم .. وأسأل الله أن يكتب أجره لصانعيه.
تم.

____________________

- رابط التغريدات على تويتر -

- فواصل المجد الوثائقية - يوتيوب -

- تحميل المنشور -